ما هو حب الذات؟

أنت تعرف القصة. نفس النص المعتاد: "اعتنِ بنفسك"، "كن لطيفًا مع الآخرين"، "كن لطيفًا مع نفسك"، "كن لطيفًا مع كوكبك".
مبادئ أساسية نؤمن بها بعمق ونحرص عليها بصدق.
لكن في أي لحظة تتحوّل هذه العبارات إلى مجرد كلمات على صفحة؟ جُمل على شاشتك؟
نحتاج منك أن تتوقّف للحظة وتسأل نفسك الآن: هل تحب نفسك؟

الأمر لا يتعلق فقط بحب آخر منتج اشتريته. أو اتباعك لآخر صيحة في عالم الجمال. ولا حتى بالشعور بالفخر بسبب إنجاز حديث أو الدخول في علاقة جديدة. هذه الأشياء بالتأكيد ترفع من معنوياتك. لكنها ليست كل شيء. ماذا عن حب الذات؟

كثير من الأمور من حولنا تمنحنا شعورًا مؤقتًا بالسعادة والرضا. لكنها خارجية. أما حب الذات، فهو إحساس نابع من الداخل، وهو الأساس الحقيقي للشعور بالجمال والقوة والرضا.

فماذا يعني فعلًا أن تحب ذاتك؟

نحن نحب أن نراها بهذه الطريقة: حب الذات ليس مجرد شعور جيد تجاه نفسك. بل هو أعمق وأكبر من أي إحساس شعرتِ به من قبل. قد يكون غريبًا أو غير مريح في البداية — وهذا طبيعي تمامًا.

حب الذات يعني التقدير الحقيقي لنفسك. يعني تقبلك كما أنتِ، ومنحك لنفسك الإذن بالنمو، لتصبحي النسخة الحقيقية من ذاتك.

حب الذات الجماعي يصنع ثقافة من اللطف والرحمة.

تشارلي كراجز

وصلت لمرحلة كنت فعلاً ما أحب نفسي فيها، ما أحب جسمي. بس أحيانًا، لما نوصل للحضيض، نقدر نبدأ نعيد بناء نفسنا من جديد. أنا أحاول أساعد الناس يكتشفون قوة حب الذات من خلال كوني على طبيعتي، وهذا الشيء يشجعهم يكونون على طبيعتهم بعد.

في ذا بودي شوب، إحنا نؤمن إن دورنا نلهم ونقوي الناس، واللي يؤمنون بتقبل الذات.

حب الذات يبدأ من جوانا، بس ما ينتهي هناك. لما نحب نفسنا أكثر، نحس بقوة جديدة — تخلينا أقوى وتخلينا نحب ننشر الإحساس الحلو هذا للناس حولنا.

ومن هنا يبدأ التغيير... لما نتصالح مع أنفسنا، نقدر نداوي كل المشاعر اللي كانت مأثرة علينا. ومع كل خطوة إيجابية نخطوها، نقدر نرفع ونلهم غيرنا

لماذا حب الذات مهم الآن؟

أصبح حب الذات اليوم أكثر أهمية من أي وقت مضى. العالم يشهد تغيّرات جذرية – نراها في السياسة، في البيئة، وفي التكنولوجيا. نلمسها في النقاشات حول العدالة، الهوية، والمساواة. في ظل هذا الاضطراب المحيط بنا، من الطبيعي أن نشعر بالقلق ونطرح على أنفسنا أسئلة عن قيمتنا وقدرتنا.

وسط هذه التحوّلات، الإيجابية منها والسلبية، أليس من حقنا أن نتوقف لحظة ونسأل أنفسنا: ماذا نريد؟ أي نوع من البشر نطمح أن نكون؟ وما نوع العالم الذي نريد أن نساهم في بنائه؟

كيف يمكننا أن نصبح أقوى في داخلنا وأكثر ثباتًا في قناعاتنا، إن لم نبدأ من الداخل أولاً؟ يعني ذلك أن نتعلم تقبّل أنفسنا أولاً، ثم أن نحبّها. لا بد أن نبدأ بالتعرّف على ذواتنا، وعلى ما نُقدّره في هذا العالم، قبل أن نحدد كيف يمكن أن نكون عوامل تغيير حقيقية.

فلنبدأ بالالتزام بقضية قريبة من قلوبنا. لأن أعظم خطوة يمكن أن نتخذها هي أن نحب أنفسنا، فهي الخطوة التي تُقوّينا وتساعدنا على تقبّل ذواتنا، وتُهيّئنا لنكون أفرادًا أكثر وعيًا وانخراطًا في العالم من حولنا.

المعتقدات التي نشأنا عليها؟

المشكلة أننا نتعلم منذ الصغر أننا لسنا جيدين بما فيه الكفاية، ولا جميلين بما فيه الكفاية، ولا أذكياء أو أقوياء بما فيه الكفاية. الحقيقة المؤسفة أن هذه النظرة السلبية يواجهها الكثيرون، وتكون وطأتها أشد على النساء في كثير من الأحيان، نتيجة توقعات مجتمعية وعائلية تزرع فينا شعورًا بالنقص.

فنجد أنفسنا نحاول جاهدين الوصول إلى الكمال، نركض خلف الإنجاز في كل جانب من جوانب حياتنا، أو ننسحب، نصمت، ونغلق أبوابنا الداخلية.

نحن نرى الضغوط والمعايير غير الواقعية التي نشأنا عليها، ونُخزّنها بداخلنا دون أن نشعر. نراها تنعكس في منازلنا، في أماكن عملنا، وفي علاقاتنا. وهذه الفكرة المشوّهة والمثالية الزائفة عن الكمال هي بالضبط ما نريد أن نتحدّاه ونرفضه.

نحن نعيش في عالم غير مثالي، ومع ذلك تواصل بعض العلامات التجارية والمؤسسات الاستفادة من شكوكنا بأنفسنا، من خلال تقويض ثقتنا بجمالنا وبأنفسنا، وبثّ الشعور بعدم الكفاية الجماعي.

والحقيقة أن الكثير منا لا يزال يؤمن بما تعلّمه منذ الصغر – بأننا لسنا كافيين كما نحن. هذا الاعتقاد يُقيدنا، ويُبقي أحلامنا صغيرة. لكن يمكننا أن نختار مسارًا مختلفًا، وننظر إلى حب الذات كقوة حقيقية، تُحوّل الشك إلى فعل، لصالح أنفسنا ولمن حولنا.

محبة الذات هي ممارسة حقيقية في عالم يُحاول إقناعك بالعكس.

جينا مارتن – ناشطة في التغيير المجتمعي وسفيرة للعمل الإنساني

حين كانت الناشطة والمُناصرة جينا مارتن طفلة صغيرة، قيل لها إنها صاخبة جدًا، تثير الجدل، وطُلب منها أن تتحدث ببطء أكثر. لكنها تقول إن الصفات التي تعرّضت للسخرية بسببها، هي بالضبط السبب الذي يجعلها اليوم ناجحة فيما تقوم به – مناصرة القضايا، دعم الآخرين، والتحدث بصوت عالٍ عن الأمور التي تؤمن بها.

تُظهر لنا جينا أن تقبّل الذات والاحتفاء بكل جوانبها – حتى الأجزاء "الصاخبة" – هو ما منحها الإصرار لتُحدث تغييرًا حقيقيًا، وتُساهم في تعديل القوانين لخلق بيئة أكثر أمانًا وإنصافًا.

لذلك، عندما يُقال لنا إننا لسنا جيدين بما يكفي، أو أننا بحاجة لأن نكون "أهدأ"، لماذا لا نستمد من روح جينا بعضًا من شجاعتها؟ قدرتها على تحدي المألوف وتغيير السلوكيات تبدأ من سؤال بسيط: هل ما نؤمن به عن أنفسنا هو فعلاً حقيقتنا، أم ما تم تلقيننا إياه؟

الآن هو الوقت المناسب لنلتزم بحب الذات كقوة للتغيير الشخصي والمجتمعي، لبناء حياة أكثر سعادة نعيشها وننشر نورها لمن حولنا.

حب الذات هو فعل.

نؤمن بأن حب الذات يمكن أن يتحوّل إلى فعل. فهو يبدأ بخطوة واعية – صغيرة كانت أو كبيرة – يتخذها كل منا، ويقودنا لننهض معًا كمجتمع موحد. وجزء أساسي من هذا التحرك الجماعي هو أن تتحمل الشركات مسؤوليتها.

كما قالت مؤسسة The Body Shop، السيدة أنيتا روديك:

"لا تدع أحدًا يقنعك بأن دور الشركات لا يشمل معالجة القضايا الكبرى، لأنه كذلك بالفعل."

لطالما تحدّينا التقاليد الاجتماعية، شجّعنا التمكين، وغذّينا روح التغيير. ففي عام 1998، أطلقنا حملة لرفع الوعي بالثقة بالنفس تحت شعار "هناك 3 مليارات امرأة لا يشبهن عارضات الأزياء، و8 فقط يفعلن"، وقدمنا دمية بمقاس 16 سمّيناها "روبي"، في رسالة قوية عن تقبّل الذات.

وفي عام 2021، اتخذنا موقفًا جديدًا ضد الشك الذاتي، وبدأنا رحلة لتغيير المفاهيم ومواجهة التحديات الشخصية والمجتمعية.

وبصفتنا شركة تجميل أسستها امرأة، نؤمن إيمانًا راسخًا بأن للجميع الحق في أن يُسمع صوته، ويشعر بالجمال، ويُرى ويُصدق ويُحترم ويُحب.

نحن نشهد اليوم تصاعدًا غير مسبوق في حركات تمكين المرأة، لكن ما زالت هناك الكثير من القضايا العالقة. ملايين النساء من مختلف الأعمار والخلفيات لا يزلن مهمّشات، بلا صوت، وبلا تمثيل حقيقي

عندما سألنا شار إليس، مؤسسة صاحبة التأثير الملهم، كيف تفهم حب الذات كفعل، أجابتنا بأن وجودها بحد ذاته يُعدّ رسالة تحدٍ.

تقول: "أشعر أن هذا العالم لم يُبنَ لأمثالي. ولهذا، أن أكون على طبيعتي، وأن أعيش حياتي بشغف ونجاح، هو بحد ذاته فعل تمرّد إيجابي."

نماذج مُلهمة مثل شار تُذكّرنا بأن التغيير الحقيقي يبدأ من الداخل – من تقبّل الذات وممارسة حب الذات بصدق. فامنح نفسك الحب الذي تستحقه، واتخذ خطوة إيجابية نحو حياة تُعبّر فيها عن قيمتك الحقيقية.

لأنك كافٍ... وهذا يعني أن كل واحدٍ منّا أيضًا كافٍ.

مليون فعل من حب الذات

كيف يمكننا رؤية هذا التحول؟ ما الذي يمكننا فعله – سواء كان شيئًا كبيرًا أو بسيطًا، مألوفًا أو خارج نطاق راحتنا – ليساهم في نهضتنا الجماعية بقوة حب الذات؟

بمساعدتك، ومع كل من يملك الشجاعة للنهوض معنا، نطمح لإلهام مليون فعل من حب الذات حول العالم خلال عام واحد. لأن كل بداية – مهما كانت صغيرة – تملك القدرة على إشعال شرارة التغيير داخلنا، وتشجيع حب الذات لينتشر بيننا، ويفتح الطريق أمام عالم أفضل للجميع.

لا توجد قصة عن التغلّب على الشك، أو عن كسر المألوف، تُعد صغيرة أو غير مهمة. كل فعل صادق لحب الذات يستحق أن يُسمع.

قوة حب الذات الجماعي

يمكننا جميعًا أن نتعلّم من مدربة اللياقة والناشطة صوفي باتلر، حين تتحدث عن كيف يمكن أن تتغيّر الحياة في لحظة، وكيف أن رحلة حب الذات هي رحلة تمتد طوال العمر. تقول صوفي إن حب الذات يكون في أقوى حالاته عندما يكون جماعيًا – "عندما نخرج إلى العالم بشجاعة وثقة، يمكننا حينها أن نرفع من حولنا معنا."

فلنتبع خطى صوفي ونحن نخطو في هذا العالم معًا. هذه مجرد بداية رحلتنا. فعندما نتّحد بحب الذات، ونستمد قوتنا من هذه الطاقة المعجزة، لا شيء يمكن أن يوقفنا.

عندما نخرج إلى العالم بشجاعة وثقة، نرفع معنا كل من حولنا.

صوفي باتلر – مدربة لياقة بدنية وناشطة مجتمعية